الاثنين، 30 مايو 2011

لحظة حياة

كتب يوسف حماد

حينما تكون واحداً .. قد تصنع من نفسك آلافاً تمشي على الأرض .. قد تحيل كل نعمة وفضل ومصدر وطاقة لديك لصفر يقف عن يمينك ليجعلك ترتقي قيمة ونوعية .. لا تظن أن مسيرك لوحدك يعني أنك وحيد .. قد تكون وحدتك هي أفضل من صحبة سامج يسلبك كرامتك أو سخيف ينقص قدرك أو متهور يسلب عقلك .. واحد لا يعني أنك بدون قيمة .. لكن أن تطلق على نفسك أنك وحيد فأنت تتجرد من ذاتك وتحاول أن تلصق الألم فيك .. أجزم أن الكثير ممن يتسمون بـ " وحيد " هم أكثر الناس حظوة بالأصدقاء لكنهم لا يعرفون قدرهم .. يكررون بحزن وألم ووجع وحدتهم وكأن العالم لفظهم في العراء أو الدنيا اضطرتهم للمكوث في السجن أو المرض أعياهم في عزلة جبرية .. هناك بشر يموتون حباً بالتأفف بالتألم بتكرار الرسائل السلبية على الآذان .. فطيلة وقتهم آهات .. وجل كلماتهم ويلات .. والعالم حزن هم مصدره والدنيا ألم هم أساسه والكون ضنك هم سببه !

دموع .. وتكرار لكلمات الخشوع ولا ضحكة بريئة ولا نكتة خاطفة .. لا فهذا حرام في مللهم وهذا إجرام في ظنهم .. فقط دعونا للبكاء دعونا نعيد ونكرر ما مرّ بنا .. في نشر لثقافة " محزنة " وكأن الحزن هو الملهم للمشاعر وهو مقود الشعر ! فقط انظر لنعم الله عليك ! تفكر أن الأمر ربما يكون خيرة لك …! وافقه الحكمة من وجودك .. ليس الألم مصدر للعمل حينما يكون مجرد تكرار غبي لكلمات محفوظة .. مجرد سيناريو محفوظ لعبارات راسخة .. حين يكون الألم مصدراً للعمل للتأسف على مضى ليكون وقوداً للعودة للتجديد لنشر الهمة في النفس .. سيكون حميداً وقتها !

لكني أرى – كما يرى الكثير – أن الألم أصبح موضة ! أصبح كلمة تطرب لها النفوس .. حين تتكلم تلك الفتاة عن الألم .. فهذا يعني أنها قاست من الدنيا ما قاست .. حرام .. العالم كله يقف في وجهها .. والدنيا لم تنصفها – وكما يكررون كثيراً – القدر يقف ضدها ! أستغفر الله أن تقف الأقدار ضدنا .. أو تسخر منا .. والله هو القدير وقد أمرنا أن نؤمن – أحد أركان الإيمان الستة – بالقدر خيره وشره ! لكن ثقافة الشعر الحزين .. ثقافة – عيد وبأي حال عدت يا عيد – .. ثقافة فيروز وصباح يتغنى بالألم .. ثقافة السواد والظلمة والألم المصبوغ بالدم .. ثقافة الصمت وتقطع الأحشاء .. أصبحت سائدة ! وللأسف !!

يوسف حماد _ كاتب من غزة

هناك تعليقان (2):